ج. غاو (ازدهرت خلال الفترة بين القرن الثامن والثالث عشر)

مدينة غاو هي أعظم ميادين السودان وأهمها وأقواها. وتخضع جميع الممالك الأخرى لطاعة ملكها.   —أحمد اليعقوبي، القرن التاسع

كانت مدينة غاو، التي تحظى بموقع استراتيجي بجوار نهر النيجر وبين الصحراء ومنطقة السافانا بغرب إفريقيا، مركزًا مهمًا للتجارة في العصور الوسطى. وقد لاحظ أبو عبيد البكري (المتوفى عام 1094) المؤرخ وعالم الجغرافيا المتخصص في القرون الوسطى أن الدين الإسلامي كان راسخًا في "الكاوكاو"، وهو الاسم العربي لمملكة غاو، في القرن الحادي عشر: "تتكون المدينة من بلدتين، إحداهما مقر إقامة الملك والأخرى يسكنها المسلمون."

تم إجراء عمليات تنقيب في موقعين مرتبطين بمملكة غاو - غاو أنسين وغاني ساني - بواسطة عالم الآثار والأكاديمي البريطاني تيموثي إنسول وعالم الآثار مامادو سيسيه وفريق مشترك من Direction nationale du patrimoine culturel وMuseum of Ethnology in Osaka، اليابان وغيرها. كانت مدينة غاو أنسين هي العاصمة الملكية

ومكان الإقامة. تقع مدينة غاو ساني، وهي مدينة ذات أغلبية مسلمة، على بعد خمسة أميال شرقًا. وقد عُثر على العديد من شواهد القبور مكتوبة بالنقوش العربية في مقبرة على مشارف مدينة غاو ساني. تكرر هذا النمط من المجتمعات المزدوجة في عواصم المناطق القبلية أو الممالك التي لم يكن الملك فيها مسلمًا في معظم أنحاء غرب إفريقيا، لاسيما على امتداد طرق تجارة القوافل.

موقع غاو أنسين وغاو ساني. مُقتبس من عالم الآثار سيسيه 2017

عمليات الحفر التي قام بها اللصوص في مدينة غاو ساني. تصوير مامادو سيسيه، 2016

ملعقة أو مغرفة نحاسية مستخرجة في مدينة غاو أنسين (بأبعاد 5.5 × 4.5 × 1.3 سم). Direction nationale du patrimoine culturel ، مالي. تصوير سيدو كامارا

قطعة من غمد حديدي مزخرفة بالنحاس (بأبعاد 15 × 5 × 0.5 سم) تم التنقيب عليها في مدينة غاو أنسين، Direction nationale du patrimoine culturel ، مالي. تصوير سيدو كامارا

خرزات حجرية صلبة مستخرجة في مدينة غاو أنسين (بأبعاد مختلفة). المديرية الوطنية للتراث الثقافي، مالي. تصوير سيدو كامارا

قطع زجاجية مستخرجة في غاو ساني (بأبعاد مختلفة). المديرية الوطنية للتراث الثقافي، مالي. تصوير سيدو كامارا

بوتقة، مستخرجة من غاو ساني، مالي، القرن الثامن / العاشر. تراكوتا، أقصى عرض 4.8 سم. Direction nationale du patrimoine culturel ، مالي. تصوير سيدو كامارا

تم استخدام هذه البوتقة الصغيرة المستخرجة من موقع غاو ساني في صنع خرز الزجاج. تُقدم حبات الخرز الزجاجية، المصنوعة في العديد من الأماكن وتم تداولها عبر مسافات شاسعة، صورة مصغرة لدراسة الشبكات المعقدة التي اجتمعت في موقع غاو ساني. وما يقرب من ثلثي حبات الخرز

هو نتاج المهن منخفضة المستوى، والتي يعود تاريخها إلى القرن الثامن إلى القرن العاشر، وعُثر على العديد منها في الخنادق والأخاديد في حالة مكسورة أو مشوهة أو غير مكتملة. هناك أدلة دامغة مستمدة من هذه الخنادق تشير إلى أن غاو ساني كانت موقع إنتاج لإعادة تدوير وتشكيل الزجاج المستورد. على النقيض من ذلك، تم تشطيب معظم الخرز المستخرج من مدينة غاو أنسين.

Left: خرزات زجاجية مشطبة متنوعة من مدينة غاو أنسين، مالي. Direction nationale du patrimoine culturel ، مالي. تصوير سيدو كامارا

Right: خرز زجاجي مكسور أو مشوه أو غير مكتمل من مدينة جاو ساني، مالي. Direction nationale du patrimoine culturel ، مالي. تصوير سيدو كامارا

وقد تم التنقيب عن عدة مئات من قطع الخرز الزجاجي والطيني والأحجار شبه الكريمة في مواقع غاو أنسين وغاو ساني. عن طريق إنتاجها واستخراجها من العديد من مواقع الإنتاج المختلفة وتبادلها عبر مسافات شاسعة، فإن هذه الأحجار الكريمة تقدم صورة مصغرة لدراسة تلك الشبكات المعقدة التي اجتمعت في مدينة غاو. وفي الوقت الذي كان يتم

فيه إنتاج خرز التراكوتا الفخاري محليًا على الأرجح، تم استيراد الخرز الزجاجي النهائي إلى مدينة غاو من مراكز صنع الخرز في شمال إفريقيا ومصر وأوروبا ومنطقة الغابات في غرب إفريقيا. يشير وجود البوتقات لصهر الزجاج والخرز المشوه في مدينة غاو ساني إلى أنه كان موقعًا ثانويًا لإنتاج الخرز الزجاجي حيث تم صهر الزجاج المكسور لصنع الخرز.

ويعتبر الخرز الزجاجي في غاو من بين أكثر البقايا المنشودة بالنسبة للصوص الموقع. فالخرز الزجاجي الأثري العتيق يحظى بقيمة ثمينة في الأسواق المحلية والدولية. إن حماية هذا التراث الثقافي المهم من الأمور الجوهرية. يُقدّم هذا الخرز الزجاجي دراسة حالة مقنعة بالأدلة الدامغة للتجارة المحلية والإقليمية في اتجاهات متعددة في فترة القرون الوسطى.

[لمعرفة المزيد عن الخرز الزجاجي الموجود في موقع "أغبو أولوكان" في نيجيريا، انقر هنا.](/tour/long-reach-of-the-sahara/medieval-glass-beads/).

Left: تم استخراج قطعتين من الخزف المزجج وقطعة من المرمر المنحوت في غاو، بمالي. Musée nationale du Mali، باماكو. تصوير سيدو كامارا

تم نقل الخزف المزجج المزخرف بعدد من الأشكال المميزة عبر الصحراء، وتم استخراج القطع الأثرية في مواقع متعددة. على اليسار، تم استخراج القطعة الكبيرة في اللمعان (في الوسط) والأدوات الفخارية ذات الطلاء المعدني (على اليمين) في مدينة غاو بمالي، وكذلك قطعة المرمر المنحوت (على اليسار)، والتي جاءت على الأرجح من أحد المصادر من مصر أو سوريا.

كانت الأدوات الفخارية المطلية من بين أكثر ابتكارات صانعي الفخار العرب براعةً، الذين خلطوا كبريتيد الفضة وأكاسيد النحاس لإعطاء لمعان معدني ساطع على سطح أواني فخارية مزججة ومصقولة وبعض الأطباق والأوعية النفعية الأخرى. كانت الأدوات المزخرفة، بما في ذلك هذا النموذج الذي يُبرز أرنبًا مفعمًا بالحيوية والنشاط وسط أشجار العنب في الصورة

Right: وعاء، مصر، القرن الحادي عشر. عجينة حجر مضافا إليه زجاج مطحون ملون، قطره 20.0 سم. تصوير © The Aga Khan Museum، تورونتو، كندا، AKM684

تم نقل الخزف المزجج المزخرف بعدد من الأشكال المميزة عبر الصحراء، وتم استخراج القطع الأثرية في مواقع متعددة. على اليسار، تم استخراج القطعة الكبيرة في اللمعان (في الوسط) والأدوات الفخارية ذات الطلاء المعدني (على اليمين) في مدينة غاو بمالي، وكذلك قطعة المرمر المنحوت (على اليسار)، والتي جاءت على الأرجح من أحد المصادر من مصر أو سوريا. كانت الأدوات الفخارية المطلية من بين أكثر ابتكارات صانعي الفخار العرب براعةً، الذين خلطوا كبريتيد الفضة وأكاسيد النحاس لإعطاء لمعان معدني ساطع على سطح أواني فخارية مزججة ومصقولة وبعض

الأطباق والأوعية النفعية الأخرى. كانت الأدوات المزخرفة، بما في ذلك هذا النموذج الذي يُبرز أرنبًا مفعمًا بالحيوية والنشاط وسط أشجار العنب في الصورة على اليمين، شائعة في مصر وسوريا الكبرى خلال عصر الفاطميين (909-1171). وقد انتشرت هذه التقنية أيضًا إلى شمال إفريقيا والأندلس، بما في ذلك مدينتي مالقة وفالنسيا. إن هذا التقدير الواسع للأدوات الفخارية المطلية اللامعة لا يثير الدهشة نظرًا لتشابه الفخار مع بريق الذهب المتلألئ.

[لسماع المزيد حول عمليات البحث والتنقيب في موقع غاو شاهد مقابلات مع عالم الآثار مامادو سيسيه.](https://vimeo.com/364139789).