هـ. انتقال اللغة والناس والأفكار

انتقلت اللغة والأفكار عبر الصحراء مع التجار وبضائعهم خلال العصور الوسطى. وبشكل بارز انتقلت اللغة العربية، المنطوقة والمكتوبة، عبر الصحراء. باستخدام اللغة العربية، ساهم علماء غرب إفريقيا في إنشاء ثقافة واسعة النطاق شملت الإسلام والخطاب الفكري المرتبط به.

خلال هذا الوقت، كتب العلماء المقيمون في شمال الصحراء روايات باللغة العربية تضمنت أوصافًا للمنطقة الصحراوية. ومن الصعب تفسير المطبوعات الأدبية، حيث يعتمد المؤلفون في المقام الأول على تقارير من جهة ثانية أو ثالثة. ومع ذلك، فعند النظر إليها بالاقتران مع بعض التسجيلات المادية، يمكن لهذه الروايات أن تقدم معلومات قيمة.

والأهم من ذلك، أن الشروح العربية في العصور الوسطى تكشف عن جوانب للتبادل الصحراوي لا تظهر في التسجيل الأثري. وينطبق هذا بشكل خاص على انتقالات الناس وتحركاتهم من مكان لآخر، سواء التجار أو الحكام أو الحجاج أو العبيد. في الواقع، ظهر الاسترقاق والعبودية جلياُ بشكل فريد تقريبًا في هذه الروايات المكتوبة. في فترة القرون الوسطى، تم نقل العبيد من غرب إفريقيا، ومعظمهم من النساء والأطفال، إلى المغرب أولًا ثم شرقًا إلى مصر وسوريا والعراق وما بعدها. قام هؤلاء العبيد برحلة شاقة سيرًا على الأقدام عبر الصحراء ومات الكثير منهم خلال الرحلة.

الوسطى، تم نقل العبيد من غرب أفريقيا، ومعظمهم من النساء والأطفال، إلى المغرب أولاً ثم شرقاً إلى مصر وسوريا والعراق وما بعدها. قام هؤلاء العبيد برحلة شاقة سيراً على الأقدام عبر الصحراء ومات الكثير منهم خلال الرحلة.

نصب تذكاري من مقبرة ساني، غاو، مالي، القرن الثاني عشر. رخام بمقاس 87 × 45 سم. Musée national du Mali ، باماكو، R88-19-279. © ماري لان نغوين / ويكيميديا كومنز. تم نشره بموجب ترخيص CC-BY 4.0

وقد انتقل تعليم القراءة والكتابة باللغة العربية عبر الصحراء جنبا إلى جنب مع الكتب والأشياء المنقوشة والممارسات الدينية، كفرع من فروع التجارة عبر الصحراء. نُصب تذكاري من الرخام يعود للقرن الثاني عشر من المقبرة التي تقع بالقرب من الموقع الأثري في مدينة غاو ساني، مالي، منقوشة بقصيدة مستوحاة من آية قرآنية جاء

فيها، "... وحده، لا شريك له، ومحمد عبده ورسوله. عاش ومات أمينًا مخلصًا لهذا الدين وسيعيش مرة أخرى إن شاء الله - رحم الله لمن يطلب له الرحمة. من المحتمل أنه واحدًا من زوج من الحجارة. والآخر كان سيتحمَّل اسم ولقب وتواريخ عضو في الطبقة الحاكمة في غاو. كان هذا الحجر واحدًا من خمسة آثار باقية تم صنعها في ولاية الميريا، إسبانيا، وتم نقلها عبر الصحراء الكبرى للعملاء في غاو.

أعيدت صياغة حجر الرحى على أنه شاهد قبر وضريح، مقبرة تفديت، جيبوك، مالي، القرن الثالث عشر / السابع عشر. حجر، بأبعاد 46.5 × 24 × 7.5 سم. Direction nationale du patrimoine culturel ، باماكو، مالي، 2002. تصوير سيدو كامارا

في الأصل كان حجر الرحى، وهو النصف السفلي من أداة تستخدم في تجهيز وطحن الحبوب، وقد نقش هذا الحجر بالخط العربي عن طريق أحد الحرفيين المحليين في وقت ما بين القرنين الثالث عشر والسابع عشر وأعيد استخدامه كنصب تذكاري في نفس المقبرة. كما تم نقش الحجر العلوي المصاحب له، وهو المستخدم في معالجة الحبوب بالاقتران مع حجر الرحى، تم نقش بالكتابة العربية.

القاضي عياض، (كتاب الشفاَ بتعريف حقوق المصطفى)، شمال إفريقيا، تاريخ غير معروف. حبر ملون وأوراق ذهبية، مقاس 30.5 × 58 سم. Institut des hautes études et de recherches islamiques Ahmed Baba، تمبكتو، 165. تصوير سيدو كامارا

خلال فترة العصور الوسطى، انتشرت اللغة العربية والعقيدة الإسلامية معًا على امتداد الطرق التجارية عبر الصحراء ثم تدريجيًا عبر منطقة غرب السودان في إفريقيا. لم يتبق اليوم سوى عدد قليل من المخطوطات في غرب إفريقيا من العصور الوسطى، وأقدم تاريخ معروف لهذه المخطوطات يعود إلى القرن السادس عشر. ومع ذلك، فإن إرث انتقال اللغة العربية إلى غرب إفريقيا موجود في بعض الكتب مثل كتاب حياة النص النبوي،

الذي يعكس الحركة المرتبطة باللغة والعقيدة والتجارة. وكتب القاضي عياض سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بإرشادات تعبدية في القرن الثاني عشر. من المحتمل أن تكون هذه المخطوطة نسخة تم إنتاجها لاحقاُ في شمال إفريقيا وتم استيرادها عبر الصحراء في وقت غير معروف. وهي واحدة من حوالي أربعين ألف مخطوطة في Institut des hautes études et de recherches islamiques Ahmed Baba في مالي، وهو المركز الأكثر اكتسابًا من المكتبات العائلية الخاصة من بين مراكز التعليم الإسلامي في مالي.

نسيج يحتوي على تعويذات، ربما من السنغال، أواخر القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين. ألواح منسوجة من القطن (4) متصلة وملونة، مع تمائم وتعاويذ من جلد حيوانات محشو ولُبّادَة مربوطة بسيور من جلد معقود، مقاس 255.2 × 178.8 سم. Art Institute of Chicago, African and Amerindian Purchase Endowment, 2000.326. الصور مأخوذة من The Art Institute of Chicago/Art Resource ، نيويورك

هذا النسيج الكبير مغطى بآيات قرآنية مكتوبة بالخط العربي. قد يشير هذا الشكل الممدود إلى سحلية، أو روحًا، أو صورة منمقة ترمز لاسم محمد، في حين أن الزخارف الحمراء ذات المربعات تشير إلى المربعات السحرية، وترتيب الأعداد التي تصل دائمًا إلى نفس المجموع، بغض النظر عن الاتجاه الذي تتم إضافته.

ربما تغطي هذه التمائم المرفقة مربعات صغيرة من الورق المطوي الذي يحتوي على كتابة مقدسة. في جميع أنحاء السنغال، يطبق ممارسو المذاهب الصوفية المعرفة الباطنية للقرآن والنصوص المقدسة الأخرى على الممارسات العلاجية للتكهن والتنجيم والشفاء والحماية الروحية. قد يكون هذا النسيج قد تمت إعارته أو تأجيره للعملاء حسب الحاجة من قبل الممارس الذي أنشأه.

ليون الإفريقي، كتاب (وصف إفريقيا). أنتويرب، 1556. Melville J. Herskovits Library of African Studies ، Northwestern University ، إلينوي، 916 L576.2. تصوير كلير بريت

كتاب (وصف إفريقيا)، الذي كتبه الدبلوماسي والباحث الحسن بن محمد الوزان، المعروف أيضًا باسم ليون الإفريقي، تم نشره لأول مرة في عام 1526. الوزان، المولودة في مدينة فاس، المغرب، ألقي القبض عليه من على متن سفينة في البحر الأبيض المتوسط وسُجن في روما لمدة تسع سنوات بأمر من البابا. وقد استند في روايته جزئيًا إلى تجاربه وخبراته الشخصية في السفر إلى مواقع بما في ذلك القاهرة وعبر الصحراء إلى تمبكتو، والتي كانت آنذاك

جزءًا من إمبراطورية سونغهاي. وقد كان هذا الكتاب، والذي تم تأليفه باللغة الإيطالية، هو أول وصف لإفريقيا تم نشره في أوروبا للقراء الأوروبيين والمسيحيين المتعطشين لمعرفة المزيد عن جغرافيا هذه القارة وشعبها ومواردها. نُشرت هذه الترجمة اللاتينية عام 1556.